فيصل المعمري
مما قرأت في عام 2018

بداية العام هو الوقت المعتاد للنظر في الماضي، وتقييم العام الفائت، والنظر في المستقبل والإستعداد لعامٍ قادم. في الآونة الأخيرة هناك موجة من المعارضة لهذه العادة، يعتقد الكثيرون أن لا فائدة منها ويجب التوقف عنها. بالنسبة لي، النظر للماضي والتخطيط للمستقبل أمر إيجابي جداً، أياً كان الوقت الذي تفعل فيه ذلك.
في هذه التدوينة سأكتب عن الكتب التي قرأتها وأعجبتني في عام 2018. كنت قد وضعت هدفاً لقراءة عدد معين من الكتب لكني اقتنعت لاحقاً بعدم صواب الفكرة. الكتب تختلف من حيث الحجم ونوعية المحتوى، بعضها يمكن أن تنهيه في جلسة واحدة وبعضها الآخر يحتاج لوقت وتركيزأكبر. إليك قائمتي لأفضل ما قرأت في العام الماضي [بدون ترتيب حسب الأفضلية]:
في كتاب حيونة الإنسان، يشرح الكاتب ممدوح عدوان كيف يمكن للقمع أن يحول الناس إلى مجرد آلات لا فائدة منها، كيف يصل الإنسان إلى جلاد لنفسه ومراقب لها حتى لا تخرج عن الأطر والحدود التي رسمها له الجلاد. الأنظمة القمعية في تعذيبها لمن هم ضد أيديولوجياتها لا تقف عند حد، تستخدم الضحية كوسيلة لتأديب الناس وإرسال رسائل رعب حتى لا يجرؤ شخص آخر على مخالفة أوامرها. لتوضيح ذلك، يذكر الكاتب قصة إستخدام الخازوق في جسد أحد الضحايا في مكان عام أمام الجميع حتى يكون عبرة للآخرين ويكون رادع لهم. كتاب جيد، ربما في الوقت الحاضر نحن نعلم عن ممارسات المستبدين ونفهمها جيداً.
علي الطنطاوي من المفضلين لدي، اسلوبه في الكتابة سلس وسهل. في كتاب فصول اجتماعية، مجموعة من المقالات عن مشاكل اجتماعية يحاول الكاتب تفسيرها وايجاد حلول لها. علي الطنطاوي لديه خبرة في هذا المجال لأنه شغل منصب القضاء لفترة طويلة، رأى من خلالها الكثير من مشاكل الناس في ذلك الوقت. لديه كتاب آخر [مع الناس] يحمل نفس الفكرة ولا يقل روعة عن هذا الكتاب.
من وحي الثمانين - علي الوردي [تقديم سلام الشماع]
الرائع علي الوردي، الكاتب المفضل عندي. في كتاب من وحي الثمانين جمع الصحفي سلام الشماع مجموعة من اللقائات الصحفية للوردي في وسائل الإعلام العراقية وكتبها كمقالات. هذه المقالات تعطيك فكرة عامة عن الكاتب الكبير. أعتقد هذا الكتاب مناسب لمن يريد فكرة عامة عن الوردي وأفكاره.
عادات صغيرة، من الكتب التي استفدت منها على أرض الواقع. أول ما يتحدث عنه الكاتب هو خطأ فكرة إكتساب عادة في 21 يوم، هي فكرة فرضت نفسها بقوة وتكاد لا تخلو أي محاضرة عن اكتساب العادات من هذه الفكرة. مصدر فكرة ال21 يوم هو طبيب أعضاء لاحظ أن المرضى يحتاجون لهذه المدة الزمنية عندما يفقدون أو يزرع فيهم عضو جديد [يد أو قدم مثلاً]. في البداية يشعر المريض أن الأمر ليس على ما يرام، بعد مدة 21 يوم يتعود ويصبح العضو الجديد مألوفاً ومقبولاً. من هنا خرجت القاعدة الذهبية لل21 يوم.
فكرة الكتاب هي التبسيط لكسب عادات جديدة. المشكلة تكمن في عدم الإرتياح الذي يرافق التغيير الذي نحاول إدخاله في حياتنا. تخيل مثلاً إنك تريد أن تكتسب عادة المشي لمسافة 5 كيلومترات أربع مرات في كل إسبوع، بعد أول محاولة ستشعر بتعب وعدم ارتياح وقد تستلم في وقت قصير جداً. نفس الشعور يحدث بعد أول زيارة لصالة التمارين. يرى الكاتب أن هذا النوع من الأهداف لا يخدم كثيراً والأفضل استبداله [بالعادات الصغيرة]. استبدل فكرة المشي 5 يلومترات إلى المشي فقط، فكرة كتابة مقال كل يوم إلى كتابة 50 كلمة فقط، فكرة تمارين الصالة الرياضية إلى خمسة تمارين [Push Ups] في اليوم.
في [عادات صغيرة] لا تهم المسافة التي مشيتها، المهم إنك مشيت فعلاً. مع مرور الوقت، سيصبح المشي عادة وستزيد المسافة المقطوعة تدريجياً. إحتمال نجاح العادة الصغيرة أكبر لأنها لا تسبب ألماً ولا تحتاج الكثير من الجهد، أنت فقط تريد أن يكون المشي [أو أي شيء آخر] في جدولك الإسبوعي. مع مرور الوقت ستجد أنه تحول من مجرد شيء في جدولك الإسبوعي إلى عادة جديدة.
ربما شرحي للكتاب لا يعطيه حقه، لذلك أنصحك بقراءة المراجعات في موقع GoodReads. عدد صفحات الكتاب 127 فقط وهذه ميزة أخرى له.
كتبت تدوينة عن هذا الكتاب في هذا الرابط .
خرافة التقدم والتخلف: العرب والحضارة الغربية في مستهل القرن الواحد والعشرين - جلال أمين
أفكار هذا الكتاب كانت تدور في ذهني ولكن لم أكن أجيد التعبير عنها. لا يمكن وصف أمة من الأمم بالتقدم وأمة أخرى بالتخلف كما يحدث في المقارنة بين الغرب والآخرين مثلاً. وصف أمة بالتقدم يوحي بأنها متقدمة في كل شيء كما يوحي وصف أخرى بالتخلف بأنها متخلفة في كل شيء. قد تكون أمة ما، متقدمة في الصناعة أو أخلاقياً لكنها قطعاً متأخرة عن أمة أخرى في مجال آخر، إجتماعياً مثلاً.
هناك حملة نقد كبيرة لكتب تطوير الذات ظهرت في السنوات الأخيرة، تتهما بتضييع الوقت وأن ما فيها مجرد كلام فارغ. أعتقد أن المشكلة تكمن في حاجة الناس الكبيرة لهذا النوع من الكتب. ركز معي في عبارة [تطوير الذات]، هل هناك من لا يريد تطوير ذاته؟ ألسنا نحن مخلوقات تبحث عن التطور باستمرار؟ لماذا إذن كل هذا الهجوم؟. تكمن المشكلة في أن هذا النوع من الكتب لاقى رواجاً منذ ستينيات القرن الماضي، وكأي شيء يلاقي رواجاً، يصبح هدفاً للشركات والمخادعين ومن يحاولون إستغلال حاجة الناس لتحقيق ربح مادي. هذا من الأسباب التي أدت إلى إغراق السوق بكتب تطوير الذات الهزيلة، الكل يريد نصيبه من الكعكة كما يقال. بالنسبة لي، أرى أن كتب تطوير الذات مهمة، فقط نحتاج لجهد وبحث أكبر لنميز المفيد منها من الهزيل.
كتاب فن اللامبالاه كتاب صريح جداً، ليس من كتب الطبطبة على الكتف. يريد الكاتب من القارئ أن يواجه مشاكله وجهاً لوجه ويكف عن إلقاء اللوم على الآخرين أو على المحيط أو على الدنيا التي تمشي بالمقلوب. لا يهم من هو سبب المشكلة، المهم هو كيف تتعامل معها أنت. ربما أول 100 صفحة مملة قليلاً لكن بعد ذلك ستجد الكثير من الأفكار الرائعة. لا أستطيع حصر تلك الأفكار لكن سأذكر مثال عليها. نحن نميل مثلاً عند حصول المشاكل إلى لوم كل شيء سوى أنفسنا. قد يحدث أحياناً أن تخرج من السوبرماركت وتجد أن أحداً قد اصطدم بسيارتك واختفى، أنت لست المسؤول عن حصول المشكلة هنا لكنت حتماً المسؤول عن تصرفك حيالها. صراخك وشتائمك لذلك اللعين الذي سبب المشكلة لن يفيد، هي حصلت وتحتاج إلى حل منك، لذلك الأفضل أن تواجهها وتفكر في حلها. هذا هو حال الدنيا، مجموعة من المشاكل تأتيك من دون سابق إنذار وتقتحم عالمك وتحتاج لحل.
مرة أخرى، أعتقد أن شرحي للكتاب ساذج ولا يعطيه حقه، لذلك توجه إلى موقع GoodReads لتعرف عنه أكثر.
الأعمال الفكرية للدكتور علي الوردي في المجلات والصحف العراقية والعربية
قرأت كتب علي الوردي وعرفت إنه كان يكتب في الجرائد العراقية بشكل منتظم، كانت مقالاته تلاقي رواجاً شديداً. كنت أتسائل كثيراً عن مصيرها وكنت أقول في نفسي لو أن هذه المقالات موجودة في مكان ما في العراق، لذهبت إلى هناك لأحصل عليها.
مجموعة الأعمال الفكرية تتألف من ثلاثة أجزاء وصدرت في 2018 من دار الوراق. يعمل تلاميذ ومحبي الوردي بجهد لإخراج إرث الكاتب للناس وهذه المجموعة من ثمار هذا الجهد. في المجموعة كما هو واضح من عنوانها مقالات الوردي في الصحف والمجلات. المجموعة ثمينة جداً لكل من يحب هذا الكاتب.
في الختام، الحمدلله إني كتبت أخيراً تدوينه جديدة، التسويف عدو لا يستهان به. هناك الكثير من الأشياء التي أريد أن أكتب عنها، أريد أن أكتب عن [متجر الطريق 47] للكتب المستعملة، المتجر الذي تعلمت منه الكثير وبذلت فيه جهداً كبيراً، وعن حربي الضروس ضد مواقع التواصل. أيضاً أريد أن أكتب كيف ان الملل وسيلة رائعة للتطور!